الوسيط في قانون الشغل المغربي
أشرف جنوي
تكتسي دراسة القانون المنظم لعلاقات الشغل في الوقت الحالي أهمية بالغة، نظرا للأهداف السامية التي تروم التشريعات الحديثة إلى تحقيقها من خلاله، وتأتي على رأسها توفير الحماية الاجتماعية للأجراء، فضلا عن الحماية الاقتصادية للمشغلين، وذلك بتنظيم علاقات الشغل بينهما، والعمل على الموازنة بين مصالحهما المتعارضة والمتناقضة قدر الإمكان، تحقيقا للسلم لاجتماعي، واستقرار العلاقات المهنية، وصيانة حقوق جميع الأطراف.
وقد حاولنا من خلال هذا المؤلف بعون من الله وتوفيقه دراسة قانون الشغل المغربي بشكل مبسط ومختصر ومفيد، استهللناه بمدخل عام، تناولنا من خلاله مفهومه ومصادره، وتطوره التاريخي، ونطاق تطبيقه، والهيئات المتدخلة لحسن تنفيذه، سواء الهيئات الوطنية كوزارة التشغيل، ومفتشية الشغل، والقضاء الاجتماعي، ومجالس إنعاش التشغيل وغيرها، أو الهيئات الدولية كمنظمة الشغل الدولية ومنظمة العمل العربية.
فضلا عن تناول نظام الشغل كما هو منصوص عليه في مدونة الشغل المغربية، لأن هناك مقتضیات قانونية كثيرة ملزمة، تعتبر إطارا مرجعيا منظما للعلاقة بين المشغل والأجير، لا يجوز مخالفتها، إلا إذا كانت المخالفة في مصلحة الأجير، منها ما يتعلق بشروط فتح المقاولة ومنها ما يتعلق بشروط تشغيل الأجراء الراشدين والأحداث، والنساء، والمعاقين ذوي الاحتياجات الخاصة وكذا الأجانب، تم منها ما يتعلق بتحديد الحد الأدنى للأجر، ومدد الشغل القانونية، ومختلف العطل، ورخص التغيب عن العمل، وأوقات الراحة، وغيرها.
كما شملت الدراسة التنظيم القانوني لعلاقات الشغل الفردية والجماعية، حيث تناولنا عقد الشغل الفردي، باعتباره مدخلا أصيلا لتطبيق قانون الشغل، وذلك بالتعرض لعناصره الأساسية، وخصائصه المميزة، وأنواعه المتعددة، وطريقة إبرامه، وآثاره بالنسبة لأطرافه، وكيفية إثباته، وحالات توقفه وانتهائه.
تم بعد ذلك عملنا على تبيين كيفية تنظيم علاقات الشغل الجماعية، من خلال الحديث عن المفاوضة الجماعية ودورها في تحسين ظروف الشغل والتشغيل، واستقرار علاقات الشغل الجماعية، فضلا عن اتفاقية الشغل الجماعية التي تكون تتويجا في الغالب لتلك المفاوضات، وختمنا الدراسة بالتصالح والتحكيم باعتبارهما وسيلتين هامتين لتسوية منازعات الشغل الجماعية.
أشرف جنوي