النظرية العامة للالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود
عبد القادر قرموش
يعالج هذا المصادر الإراديـة للالتزامـات فـي ضـوء قانون الالتزامات والعقود المغربي، لأن فهم أحكام مصادر الالتزام فهما عالما وعاقلا هو الذي يسمح بفهم المواضيع الأخرى المرتبطة بدراسة أوصاف الالتزام، أو انتقاله، أو تعديله، أو إنهائه.
وفيما يتعلق بمصادر هذا الالتزام، فقد قسمها الفقه الحديث إلى مصادر إرادية وأخرى غير إرادية. فالمصادر الإرادية، هي تلك التي تكون فيها الإرادة السبب المنشئ للالتزام سـواء أكان ذلك باتفـاق إرادتيـن أو ما يسمى بالعقد، أو بإرادة منفردة كتصرف قانوني صادر من جانب واحد. فالعبرة في هذه المصادر الإراديـة هـي بإرادة الشخص التـي تـرمـي إلـى إنشاء الالتزام، وترغـب فـي تـرتيـب آثـار تتمثل في تحميل المدين التزامات تجـاه الشخص الدائـن أو إكساب الدائـن حقوقا على الشخص المدين. أما المصادر غير الإرادية فتتمثل في كل الوقائع المشروعة مـن إثراء بلا سبب وتطبيقاته المتمثلة فـي دفـع غيـر المستحق والفضالة كأسباب ترتـب عـلـى عاتق المثري التزامـا بـرد كل مـا أثـراه عـن غيـر سـبب إلى المثرى على حسابه "المفتقر"، كما تتمثل أيضا في كل الوقائع غير المشروعة التي تلحق ضررا بالغير والتي ترتب على عاتق المتسبب بخطئه العمـدي أو غير العمـدي التزاما بتعويض , المضرور عن كل ما لحقه من أضرار مادية أو معنوية.
وإذا كنا سنخصص بحول الله تعالى وقوته مؤلفا خاصا بدراسة المصادر غيـر الإرادية للالتزام كجزء ثـان مـن دراستنا لمصادر الالتزام، فإننا سنجعل هذا المؤلف يقتصر فقط على دراسة المصادر الإرادية للالتزام، وذلك للوقوف على الأحكام العامة لكل من العقد كمصدر إرادي أول للالتزام، ثم محاولة الوقوف على الأحكام العامة للإرادة المنفردة كمصدر إرادي ثان للالتزام، وذلك كله بعد التمهيد لهذه الدراسة بفصل تمهيـدي نـقـف مـن خلاله على نشأة القانون المدني وتطـوره بصفة عامة، وعلى نشأة قانون الالتزامات والعقود المغربي بصفة خاصة، ثم محاولة تحديد ماهية الالتزام كأهم أثر مترتب عن مصادره الإرادية وغير الإرادية.
عبد القادر قرموش