مفهوم الدولة المدنية في الفكر السياسي الإسلامي و الغربي
أحمد بوعشرين
يكتسي مبحث الدولة المدنية أهمية بالغة في المرحلة التاريخية الراهنة من داخل جسم الأمة العربية والإسلامية، وذلك لاعتبارات منها تدافع المشاريع المجتمعية ذات مرجعيات إيديولوجية وفكرية متعددة داخل القطر الواحد، و هيمنة حكم السلطوية في أغلب القطار الأمة، مما يقتضي الإجابة عن سؤال إطار التداول السلمي وتوظيف فهم معين للدين قصد إضفاء الشرعية السياسية، مما يفرض سؤال موقع الدين في العملية السياسية، والاحتكاك مع العالم الآخر الذي تألقت فيه الديمقراطية وكل تجلياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمجتمعية، مما يفرض سؤال الإطار المناسب لها من داخل القطار الأمة، ثم اعتبار ما كشف عنه ربيع الثورات الراهن من تناقضات للخطاب عند جزء كبير من النخب السياسية جعلت من ضرورة مسائلة فكر هذه النخب عبر مسائلة أدبيات الفكر الغربي التي تعتمد عليها في فكرها، والمرتبطة أساسا بنموذج الدولة المنشود ونموذج الديمقراطية المنشود ونموذج الانتخابات النشود التي تتمثل عبرها الإرادة الشعبية العامة.
ونقر أن طريق التأسيس النظري لنموذج هذه الدولة المنشودة محفوف بالمخاطر والأسئلة الشائكة التي مردها إلى الخلفية الفكرية والإيديولوجية التي تؤطر كل تنظير من هذا النوع، فأسئلة علاقة الديني بالسياسي وحدود الديني في السياسي وسد الذرائع أمام كل محاولة للإجهاز على مدنية الدولة وديمقراطيتها، وكيفية تمثل الإرادة الشعبية العامة التي تعبر عنها هذه الدولة في اختياراتها، وتأمين التداول الفعلي على السلطة، واسئلة اخرى تجعل من سبر أغوار التأسيس لهذه الدولة المنشودة أمرا يتطلب مجهودا مضاعفا، ونأمل أن يكون هذا العمل في هذا الاتجاه التأسيسي.
أحمد بوعشرين