القرابة وآثارها في القانون المغربي
ياسين مومن
يرتبط الناس بعضهم البعض بروابط مختلفة تبعا للعلاقة الموجودة بينهم، فهناك روابط منشؤها أصل النشأة، حيث يشترك الناس في خصيصة الإنسانية ، وهناك رابطة سببها الانتماء إلى وطن واحد، فينتسب الناس بموجبها إلى دولة أو وطن معين ، وهناك رابطة يكون سببها المهنة تجعل الناس ينتمون إلى مهلة معينة ، إلا أن أهم هذه الروابط هي تلك المتعلقة برابطة القرابة، حيث خلق الله من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا، ورتب على الزواج روابط وعلاقات متعددة منها الأمومة والأبوة والبلوة والمصاهرة وغيرها، والتي يطلق عليها عموما القرابة.
وتنشأ عن رابطة القرابة آثار قانونية متعددة، جعلت التشريعات المختلفة توجب لها حقوقا خاصة، وتعند بها إما لوضع أحكام خاصة لبعض المعاملات التي تتم بين الأفراد الذين تجمعهم هذه الرابطة، تخرج فيها عن القواعد العامة لهذه المعاملات، أو سن مقتضيات زجرية تراعي طبيعة العلاقة التي تربط أطرافها، وتحرص على احترام هذا البعد الاجتماعي، لدرجة تؤثر إلى حد كبير على المنحى الذي تأخذه الجريمة، سواء من حيث التجريم أو من حيث العقاب، إذ كثير اما يجر مال فعل في جانب القريب ويكون مع غير القريب مباحا، كما قد يباح في جانب القريب ويجرم مع الأجنبي، ويستحق الأجنبي في كثير من الأفعال العقاب جزاء لفعله، بينما يرتكب القريب نفس الفعل ويمتنع عليها لعقاب.
ولا يقتصر الأمر على الجانب الموضوعي، بل تؤثر القرابة على الإجراءات ادعاء وحكما.
وهذه الأحكام القانونية الخاصة تستمد خصوصيتها من طبيعة العلاقة التي تربط أطرافها، والتي افترض فيها العقل قبل القانون أن تكون وسيلة لانسجامهم و انتشار المودة والرحمة بينهم، وإلا فإن أمن المجتمع بأكمله واستقراره سيتأثران لا محالة.
ويتناول هذا الكتاب تعريف القرابة وانواعها من قرابة النسب، وقرابة المصاهرة وقرابة الرضاعة، وكيفية حساب درجاتها، وأثرها على اكتساب الحقوق والتحمل بالالتزامات داخل الأسرة، وعلى ما يرتبط بالجانب الزجري بشقه الموضوعي تجريما وعقابا، وفي شقه الإجرائي إجراء وادعاء
.لا يوجد أي كتاب