صناعة النصوص القانونية إشكالات الاختصاص والصياغة
علال فالي
تعتبر صناعة النصوص القانونية بمثابة "فن" ذو طبيعة خاصة، يفرض على المختصين فيـه، التميز بمجموعة من المؤهلات والكفاءات، سواء منها المرتبطة بالتكوين القانوني الصحيح، وبالإطلاع الجيد على البيئة الذي ستطبق فيها هذه النصوص، وبالإلمام بتقنيات التحاور البناء والمثمر مع الأشخاص والهيئات والمصالح المعنية بها؛ أو تلك المتعلقة بضرورة التوفر على التجربة المهنية والممارسة العملية الكفيلة باكتساب مهارات وتقنيات هذه الصناعة.
النص القانوني إذن بناء معماري يتولى الإشراف عليه وتشييده الجهة التي أوكل إليها الدستور ذلك، بتعاون مع باقي الجهات المعنية الأخرى، بحيث تـقـوم بـدور الصانع أو المهندس الذي يرسم فكرة المبنى ويضع التصاميم الأولية، ويستشير مع باقي المتدخلين في هذه العملية، ثم يبدأ في البناء والتشييد خطوة بخطوة، ومرحلة بمرحلة، إلى حين اكتمال المبنى وصيرورته منتوجا نهائيا يمكن الاستفادة منه، سواء على مستوى تحقيق الغايات المرجوة مـن تبنيه، أو على مستوى قبولـه مـن طـرف المعنيين بتنفيذه.
وتظهر أهمية الصناعة الصحيحة أو البناء المتين للنصوص القانونية في صلابة جميع المقومات التي يقوم عليها هذا البناء، بالشكل الذي يمكن مـن تحقيـق هـذه النصوص للغايات والأهداف المرجوة مـن تبنيها، بحيث كلما كان البناء متماسكا ومتناسقا ومتشـاورا بشـأنه ومتفقا عليـه مـع المعنييـن بـه كلمـا تمـكـن مـن الصمـود مـدة طويلة في وجه التغيير أو التتميم أو حتى النسخ والإلغاء، وكلما كان مقبولا بسهولة وبدون اعتراض أو امتعاض، سـواء مـن الفئة أو الفئات المعنية به، أو من الجهات القضائية التي تتولى تطبيقه، أو حتى من الجهات الأكاديمية والبحثية التي تتولى تقييمه وتقويمه، في المقابل، تؤدي كل خطوة غير محسوبة العواقب أو أي إجراء غيـر مـدروس بعناية أو أي تسرع أو بطء غير مبرر في هذه الصناعة وفي إقامة البناء أو في التفاصيل المتعلقة به، إلى تصدعه وربمـا انهيـاره مـن خـلال إلغاء أو نسخ النص كليا أو جزئيا أو التدخل المتكرر من أجل تعديله.
علال فالي
علال فالي