مصادر الإلتزامات الكتاب الثاني - المسؤولية المدنية - الطبع
عبد القادر العرعاري
في إطار المناخ الاحتفالي بالذكرى المائوية لصدور قانون ل.ع فإنه يسعدنا اليوم أن نضـع بيـن يـدي القـراء الأعزاء من الطلبة والباحثين هذه الطبعة التاسعة من كتاب المسؤولية المدنية الذي يندرج ضمن اهتماماتنا الجامعية التي ساهمنا بها على مدار أربع عقود في توضيح أهم الإشكاليات الكبرى المتعلقة بالمسؤولية المدنية في شقيها العقدي والتقصيري على حد سواء.
وقد كان علينا أن نكون في مستوى التطورات التشريعية والقضائية التي شهدتها بعض فروع المسؤولية المدنية منذ بداية الألفية الثالثة لغاية اليوم، ويعتبر القانون رقم (24.09) المتعلق بالمسؤولية المدنية عن مخاطر المنتجات المعيبة المؤرخ في (2011/8/17(أبـرز نـمـوذج لهذا التطور التشريعي الذي حسـن بـه المشرع مردودية المسؤولية عن حراسة الأشياء الخطرة على السلامة البشرية والحيوانية والبيئية الأمر الذي فرض علينا تخصيص باب رابع لهذه المسؤولية الاستثنائية ضمن محاور هذه الطبعة التاسعة.
ورغم محدودية التدخلات الـتـي رمـم بها المشرع المغربي نصوص المسؤولية المدنية الواردة فـي قـانـون ل.ع، إلا أننا نعتقد بأن الأيام المقبلـة قـد تحمل الكثيـر مـن الإصلاحات الفرعية العميقة المتعلقة بمختلف محاور هذه المسؤولية فهذا الوضـع فـي نظـرنـا يشبه الهـدوء الذي يسبق العاصفـة الـتـي انطلقت رياحهـا منـذ انطلاق مشروع كاطالا الـرامـي لإصلاح القانون المدني الفرنسي مباشرة بعد نهاية مراسيم الاحتفال بالذكرى المأوية الثانية لصـدور مدونة نابليون والذي تم إدماجـه بمشروع فرانسوا تيري ليتم الخروج بالمشروع المشترك الذي تبنته وزارة العدل بمقتضى الأمر الحكومي الصادر بتاريخ 10 فبراير 2016 المعدل بمقتضى القانون المؤرخ في 20 أبريل 2018.
ونظرا لأهمية وصعوبة الإصلاحات المتعلقة بالمسؤولية المدنية فإن المشرع الفرنسي فضل التريث وأخـذ المزيـد مـن الوقـت لاحتواء النقاش الدائـر حـول مشكلات المسؤولية المدنية وذلك قبـل طـرح مشروع إصلاح نظام المسؤولة المدنية على أنظار السلطة التشريعية لمناقشته والمصادقة عليه ليتم استكمال منظومة إصلاح القانون المدني الفرنسي حتى يكون في مستوى تطلعات وطموحات دول الإتحاد الأوروبي التي مارسـت ضغطا رهيبا على المشرع الفرنسي حتى يتنازل على رمـوزه التقليدية الصلبة الواردة في مدونة نابليون العتيدة التي وضعت في بداية القرن التاسع عشر والتي أصبحت تشكل عائقا أمام متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية لدول الإتحاد الأوروبي.
عبد القادر العرعاري
عبد القادر العرعاري