السياسة العقارية بالمغرب أية آفاق
مزوز بشرى
لا زال النظام العقابي المغربي يعتمد فلسفة زجرية تقوم على أولوية العقوبات السالبة للحرية، وينزوي خلف تلك الفلسفة إرث اجتماعي وتاريخي يقف عائقا أمام التحول نحو نظم جزائية تقويمية من طبيعة إصلاحية. ومرجع ذلك إلى ذهنية نمطية وإلى ثقافة مجتمعية تعتبر العقوية بمثابة إجراء ثاري، وليس كتدبير يستهدف إعادة إدماج الجاني في المجتمع، والحؤول دون عودته إلى ارتكاب الجرم. وقد أسهمت مجموعة من العوامل المتداخلة في النواقص الراهنة التي تعاني منها السياسة العقابية، منها على وجه الخصوص، دور العنصر القانوني في تكوين السياسة العقابية. لذلك يلاحظ أن الفاعل التشريعي ينسب إليه أوفر قسط من المسؤولية في هذا المجال.
ويمكن تلخيص مظاهر خلل السياسة الزجرية في أربع مستويات: تضخم النظام العقابي، غياب الانسجام و تحديد العقوبات، ثم هيمنة العقوبة السالبة للحرية، وعجز مؤسسة قاضي تنفيذ العقوبات. كما أن الممارس وكذا الباحث المتخصص بالتنظير والتأصيل، لا يعطي اهتماما كبيرا عند إعداد ودراسة السياسة الجنائية للعناية باستقراء أدواتها، وأجندتها، وأهدافها، وبالتقييم الاستباقي لوقعها الاجتماعي، مع الاستعانة بالبحوث والدراسات الجنائية الميدانية عند وضع وصياغة تلك السياسات الجنائية. ومن خلال التدابير المذكورة، يمكن الإلمام، في واقع الأمر، بابعاد وانعكاسات أي جريمة يراد ردعها ودروها، ذلك لأن المعطيات التي توفرها الدراسات والبحوث الميدانية تمكن من صياغة سياسة جنائية ناجعة، ومن وضع الاستراتيجيات الهادفة، ورسم الخطط التنفيذية بصورة أكثر دقة وأكثر فعالية لاجتناب كل فجوة محتملة بين التصور الاستراتيجي ومعطيات الواقع العملي.
وإن اتباع هذا النهج من شأنه الوقاية من الضغط المجتمعي ومن إكراهات الراي العام ومن الانتقادات الموجهة للعدالة عبر وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي. لذا يتعين توعية الراي العام بمساوئ عقوبة السجن التي ترتد على السجين وعلى المجتمع، مع ضرورة البحث المستمر عن افضل التدابير العقابية التي توفر سبل الإصلاح والتأهيل والوقاية. ويحاول هذا المؤلف المتواضع التطرق لمختلف المشاكل التي تطرحها اجندة السياسة العمومية المتعلقة بالعقاب والزجر، وما يرتبط بها من إجراءات وتدابير وقائية وينتهي باقتراح العديد من التوصيات التي من شأنها المساهمة وتطويرها.
.لا يوجد أي كتاب