الحجوز في التشريع المغربي
أنور عبدون
الكتاب الذي أقدمه للقارئ الكريم المعنون ب " الحجوز في التشريع المغربي، دراسة علمية عملية مقارنة مطعمة بالآراء الفقهية والعمل القضائي"، هو من أجود الكتابات المكتوبة في موضوع الحجوز بالنظر إلى مقاربته من زاويتي ما هو نظري وماهو تطبيقي لموضوع يرتبط ارتباطا وثيقا بالتنفيذ في المادة المدنية باعتباره إعمالا للقواعد القانونية في الواقع العملي بغرض الوفاء بالالتزامات.
والتنفيذ نوعان اختياري رضائي وأخر جبري قهري، فأما الأول يقوم به المدين بمحض إرادته دون تدخل من السلطة العامة، في حين إن النوع الثاني تنفيذ خارج إرادة المدين تحت إشراف القضاء بناء على طلب دائن له سند مستوفي الشروط خاصة، مما يؤدي إلى حجز أموال المدين ووضعها تحت يد القضاء وغل يده من التصرف فيها تصرفا يضر بمصالح دائنه، وهذا معنى الحجز بصفة عامة، إلا أن موضوع الحجوز يثير العديد من الإشكالات القانونية والعملية التي تحد من فعالية القاعدة القانونية في ضان مؤسسة الحجز كآلية قانونية فعالة في مجال التنفيذ الجبري للالتزامات بصفة عامة.
وبالنظر لأهمية الحجوز في مجال التنفيذ لكونها تخرج الشيء من مجال الفكر والتصور إلى مجال العمل أي التجسيد الفعلي لمنطوق الأحكام والقرارات ومجمل السندات التنفيذية الحائزة لقوة الشيء المقضي به، فقد خصصت له اغلب التشريعات المقارنة حيزا هاما لتنظيمها تنظيما دقيقا، ومن بينها المشرع المغربي الذي افرد له الباب الثالث من القسم التاسع من قانون المسكرة المدنية التي تنظم الجانب المسطري لهذه العملية في فصولها من 411 إلى 510، كما تخضع إجراءات التنفيذ لبعض نصوص التجارة، وكذا الظهير الشريف المؤرخ في 1956/11/12 بشأن رهن أدوات ومعدات التجهيز وكذا ظهير التحفيظ العقاري، ومدونة الحقوق العينية، والمرسوم المؤرخ 1968/12/17 المتعلق بالقرض العقاري والسياحي، بالإضافة إلى مجموعة من مواد قانون الالتزامات والعقود وبعض النصوص الخاصة المتعلقة بالرهون على اختلاف أنواعها.
وقد ميز المشرع المغربي كغيره من التشريعات المقارنة بين عدة أنواع من وهي: الحجز التحفظي والحجز التنفيذي والحجز لدى الغير والحجز الارتهاني والحجز الاستحقاقي، ومجموعة القواعد المنظمة لهذه الحجوز تدخل في إطار مؤسسة التنفيذ مؤسسة قانونية لها نظامها القانوني المتميز، ورغم فعالية هذه القواعد إلا أن الممارسة العلمية إبانة عن قصورها لمواكبة بعض التطورات في المجال العلمي في ظل واقع يتطور بشكل متسارع تعجز القاعدة القانونية عن مجاراته في بعض الأحيان مما أدى إلى العديد من الإشكالات.
وبالنظر إلى جدة وأهمية الموضوع، وبحكم مؤهلات المؤلف باعتباره إطار بوزارة العدل وكذا أخلاقه وتفانيه في العمل فإن هذا الكتاب يشكل مرجعا في مجال الحجوز بالنظر إلى مقاربته للموضوع من زاوية نظرية أكاديمية باعتبار المؤلف حاصل على شهادة الماستر وشهادة الأهلية لمزاولة المحاماة، وله عدة إسهامات علمية أخرى، وكذا من زاوية عملية تطبيقية باعتباره كذلك ممارسا ومطبقا للقواعد القانونية في عمله اليومي منتدب قضائي، وبالتالي فمن شأن هذا المرجع أن يشكل إضافة نوعية للمكتبة القانونية المغربية، يرجع إليه من طرف جميع المهتمين بالمجال من باحثين وأساتذة جامعيين وطلبة وممارسين في منظومة العدالة لاسيما القضاة، وهيئة كتابة الضبط عامة ومأموري إجراءات التنفيذ بشكل خاصة، والمحامون والمفوضون القضائيون، وغيرهم من الممارسين.
وأصر الباحث مشكورا على نشر هذا الكتاب لوضعه رهن إشارة القراء الكرام من باحثين ومارسين. مضيفا بذلك لبنة أساسية إلى قانون المسطرة المدنية بصفة عامة، ومؤسسة الحجوز بصفة خاصة، ومرجعا هاما إلى المكتبة القانونية. وهذه خطوة أولى مشجعة وموفقة، أتمنى للباحث الاستمرار في البحث والعطاء والاجتهاد بعد أن عرف دروبه وضوابطه، وله اجر المجتهد، كما أتمنى للقارئ الكريم الاستفادة والاستماع بهذا العمل المتميز والشيق.
.لا يوجد أي كتاب