إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه قبل تنفيذ المقررات القضائية
عبد الجليل اجبوحة
إن المرام من التنفيذ هو إستاد الحقوق لأصحابها وإلحاقها بهم،وفقا لما قضى به المقرر القضائي موضوع التنفيذ، ولا يخفى على فطنة ناظر أنه ولئن كان التنفيذ يرمي إلى تلك الغاية فإنه لا يشكل استقرارا في وضعية المتقاضين في جميع الحالات، ذلك أن هناك مؤسسات تتيح إمكانية إعادة النظر فيه، بل وإلغاءه.
فإجراء التنفيذ لنیل الحق لا يعني أن أصول النزاع وبوادره قد أفلت، بل قد يكون ذلك مجرد بداية تؤسس لدعوى أخرى، يصبو منها رافعها إلغاء التنفيذ الذي تم في مواجهته بتنفيذ آخر مضاد له، وهو ما يعرف في أوساط الفقه والقضاء بالتنفيذ العكسي أو إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه قبل التنفيذ، حيث إنه موضوع تختلف فيه وجهات النظر بين الدارس والممارس، وذاك الذي دفعنا للخوض فيه والعمل على دراسته دراسة وقافة على دقائقه وجزئياته، من خلال العمل على کشف مضامين طائفة منتقاة وعينة مجتباة من المقررات القضائية، دون إغفال المواقف الفقهية ومناقشة مؤيداتها وبسط أسانيدها في محاولة منا للجمع بين التأصيل والتنزيل على اعتبار أن الجمع بين الفضلين بشكل غاية المنى والأرب.
وقد شرعت قاعدة إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه لإعادة توطين الخصوم في غير المراكز المقررة لهم بموجب المقرر القضائي الملغی استنادا إلى المقرر القضائي القاضي بالإلغاء، وهي قاعدة على درجة كبيرة من الأهمية، لأنها تصب في منحي مراجعة وإلغاء السندات التنفيذية التي تم تنفيذها على أرض الواقع؛ بحيث يستوي أن یکون التنفيذ قد تم بشكل كلي أو بشكل جزئي؛ ويتم إلغاء التنفيذ بآخر معاكس مني بدا أنه أجري بناء على سندات أسندت حقا أو حقوقا الغير صاحبها بعد الطعن فيها، غير أنه ورغم الأهمية العملية لهذه القاعدة فإنها لم تحظ بتنظيم مكين في التشريع المغربي، حيث إن تنظيم المشرع لها جاء بطريقة متناثرة وعرضية لا غير، مما فتح الباب أمام اجتهاد القضاء والفقه لسبك البعدين التأصيلي والتطبيقي لها ما دام أن ما لا يدركه المشرع تنصيصا بتدارک القضاء تطبيقا وتنزيلا ويحيطه الفقه تفسيرا وتأصيلا.
والحقيقة أن قاعدة إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه قبل التنفيذ، ليست على بساطتها بل إنها على درجة كبيرة من التعقيد، خاصة في ظل غياب نصوص تشريعية تؤسس للأحكام الناظمة والقواعد الحاكمة لها في المادة المدنية، وحتي يسهل التقاط معانيها وييسر إدراك مراميها، لم نجد بدا من التطرق لأبعادها النظرية، وكشف إشكالاتها العملية، والبغية والمراد من بسط النقاش بخصوص هذا الموضوع نابع من الرغبة في محاولة حل مجموعة من الاشكالات الناجمة عن إعمال التنفيذ العكسي، على اعتبار أن السداد يكمن في ایضاح المشكلات الا استشكال الواضحات وعند المقدرة اقتراح البدائل وبدائل البدائل عوض سياسة نقض جهود السابقين، آملين من الباري أن يكون هذا العمل المتواضع في الميزان الحسن.
.لا يوجد أي كتاب