السياسة الجنائية في مواجهة جرائم الفساد
كوثر بوعسرية
إن توجه هذه الدراسة نحو مساءلة قدرة السياسة الجنائية على مكافحة جرائم الفساد واستشراف متطلبات النهوض بها، يقتضي الاستعانة بعدة مقاربات منهجية لبلوغ الغايات العلمية بالموضوعية الأكاديمية المطلوبة.
على هذا الأساس، سيكون المنهج التحليلي النقدي المرتكز الأساس لمقاربة الأطر القانونية والمؤسسية والمسطرية، وذلك بإعمال آلية الرصد الوصفي للإنجاز التشريعي في مجال مكافحة الفساد، قبل اللجوء إلى مناقشته وتقييمه في ضوء الاختيارات الفقهية المتصلة به، وبالاعتماد على التطبيق القضائي، وطنيا ودوليا، لمقتضياته، مع الاستعانة بمنهج المقارنة مع تشريعات مجموعة من الدول، الغربية والعربية، للوقوف على الإمكانيات القانونية التي تتيحها، وبحث سبل الاستفادة منها في سد بعض مظاهر القصور على المستوى الوطني، من منظور مراعاة الخصوصيات المحلية.
ولتأصيل الاختيارات التي استقرت عليها هذه الدراسة، سيكون لزاما اتباع المنهج الاستقرائي للكم الوثائقية المتعلق بالاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد، بالنظر لكونها تؤسس منظور دولي جديد في هذا المجال، وباعتبارها إطارا مرجعيا لمنظومتنا القانونية بعد تصديق بلادنا عليها. كما سيكون مناسبا اقتفاء نفس المنهج بالنسبة للنظريات والتصورات التي تسمح بتقعيد تصور هذه الدراسة بخصوص تجريم مجموعة من أفعال الامتناع التي تؤدي، واقعا أو احتمالا، إلى ارتكاب جرائم الفساد.
ويبقى الاعتماد على التشخيصات الميدانية لتفاعلات هذه الجرائم كما رصدتها المؤسسات والهيئات الوطنية المختصة، مطلبا ضروريا لتدعيم هذه الدراسة في بعض اختیاراتها.
تأسيسا على كل ما سبق، وتجاوبا مع المفهوم المعتمد للفساد وللسياسة الجنائية، وتفاعلا مع مختلف الإشكاليات المثارة، ستتم مقاربة هذا الموضوع وفق التصميم التالي:
.لا يوجد أي كتاب