منظومة مراقبة مالية الجماعات التربية بالمغرب -
مراد بوعنان
إن البحث في المالية العمومية المحلية مازال في حاجة إلى "مجهود تنظيري" يقطع ابستمولوجيا مع بعض الثوابت التقليدية لما يعرف بالأرتدوکسية المحاسباتية والمالية التي استنفذت إمكانياتها وفائدتها التاريخية، كما يتطلب هذا المجهود النظري، التفكير في منظور رقابي يتخطي الحدود الوهمية بين "العقلانية القانونية المرتبطة بمراقبة الشرعية في بعدها الضيق من جهة والعقلانة التدبيرية" المرتكزة على التخطيط والتحكم في المخاطر وتقييم الأداء" من جهة أخرى. كما أن البحث في المالية العمومية المحلية مازال بحاجة إلى الانفتاح بحس نقدي على تراكمات واخفاقات التجارب الأجنبية المقارنة، وفسح المجال لابتداع آليات رقابية تتسم بالتدرج والتمايز، تلائم طبيعة البنية السياسية والمؤسساتية والسوسيولوجية التي تؤطر التدبير المالي للجماعات الترابية بالمغرب.
إن أي تصور إصلاحي يتسم بالشمولية والنسقية لمنظومة الرقابة على التدبير المالي للجماعات الترابية، لا بد أن ينطلق أولا من التدقيق في المسؤوليات الملقاة على عاتق "الدولة الترابية «Etat Territorial» المرتكزة دستوريا على مبدأ التدبير الحر للجماعات الترابية دون التضحية بدورها الحاسم في مجال التنسيق والضبط الفوق للتوازنات والتحكم في الأزمات المالية والرفع من المؤهلات والقدرات الذاتية للجماعات الترابية. ومن ثم تصبح وظيفة الدولة موجهة نحو قيادة المالية العمومية المحلية Pilotage des finances publiques» وإدماجها في نسق توجهات المالية الوطنية، كبديل عن مفهوم "الوصاية" بكل دلالاتها وحمولاتها التاريخية والتي لم تثبت قط على المستوى الواقعي حمايتها للمال العام، كما أنها لم تكرس أي مسلس تعلمي تراكمي «processus d'apprentissage» من شأنه تطوير الإمكانيات الذاتية للجماعات الترابية.
.لا يوجد أي كتاب