الزمن في قانون الاستهلاك

تفصيل

من خلال اطلاعنا على أبرز الآليات التي أتاحها المشرع في يد المستهلك في قانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، نجد أن معظم النصوص قد طبعها عنصر الزمن بشكل واضح، و كما يقال "الزمن سيد الكل" بحيث أن كل شيء يخضع للزمن و لاسيما في المواد القانونية، نجد أنه في خدمة المعاملات و الإجراءات القانونية؛ حيث أن الزمن ليس غاية في حد ذاته، و إنما هو موصول بالهدف الذي كرس من أجله ، ذلك أن القانون بمناسبة تعرضه لعنصر الزمن يومئ لنا في الحاضر إلى ما سيكون عليه مستقبل الأوضاع القانونية المنضوية تحت لواء تأطيره.

و هذا ما تجلى بوضوح في هذا الإصدار حيث حاولنا الإجابة على الإشكالية التالية "إلى أي حد يشكل الزمن في قانون 31.08 أداة و آلية فعالة لتحقيق حماية حقيقية للمستهلك؟"

و ذلك من خلال فصلين ، حيث قمت باستنباط أهم مظاهر الزمن في قانون 31.08 و محاولة فهم كيفية توظيف المشرع لعنصر الزمن، فتارة يقوم بتمديد الآجالات و تارة أخرى يقوم بتقليصها بشكل يخدم و يصب في مصلحة المستهلك.

و قد حتمت طبيعة العقد الاستهلاكي على المشرع في ظل قانون 31.08 توظيف عنصر الزمن، بحيث يمر مسلسل تكوين العقد بعدة مراحل تتخللها مهل للتفكير لفائدة المستهلك قبل التوقيع على العقد و حتى بعد التوقيع عليه يكون من حق المستهلك التوفر على مدد و آجال تكفل له الحق في التراجع عن هذا العقد، كذلك فيما يخص تحديد زمان تنفيذ العقد و غيرها.

كما يحتل عنصر الزمن دورا بارزا في الحماية القضائية حيث تم توظيفه من قبل المشرع من خلال مؤسسة الإمهال القضائي التي حاولت دراستها باستفاضة في هذا الكتاب، و التي تبين مدى خصوصية المنازعات الاستهلاكية.

بالإضافة الى دور الزمن في الحماية الإجرائية نجد مظاهر الزمن في مساطر البحث عن المخالفات و إثباتها، كما تم توظيفه في مجال دعاوى ضمان العيوب الخفية و كذا التقادم حيث خلافا للقواعد العامة، خصص المشرع في ظل قانون 31.08 آجالات تصب في مصلحة المستهلك.

 و غيرها من المظاهر التي تبين مدى أهمية الزمن و دوره في حياة العقد الاستهلاكي و مدى توفيره حماية ناجعة للطرف الضعيف المتمثل في المستهلك اتجاه المهني، و من تم تحقيق التوازن العقدي المنشود.