الحماية القانونية والاجتماعية للأسرة في ظل التطور التشريعي
رجاء القطني
مقتطف من الكتاب:
إن السؤال عن مصادر قانون الأسرة و منحى تطورها يبقى أكثر من أي وقت موضوع الساعة. العديد من فقهاء القانون يتساءلون عن مستقبل قانون الأسرة في أوربا، هناك من يتكلم عن مستقبل غامض ووضع متدهور تؤول إليه الأسرة في أوربا، و ذلك نتيجة التعديلات المتسرعة والمتسارعة، والتي لم تعرفها أي من مواد القانون المدني الأخرى فمثلا القانون المدني الفرنسي بقي دون أي تعديل لمدة مئة وخمسين سنة. هذه التعديلات المتراكمة التي مست قانون الأسرة الفرنسي، دفعت القيدوم كاربونيه إلى الحديث عن القانون المرن flexible droit وهي خاصية تميزت بها جل قوانين الأسرة بأوروبا إن لم نقل كلها بما فيها المملكة المتحدة.
التساؤل عن مستقبل قانون الأسرة في أوربا بات مستحيلا، منذ أن أصبح القانون يخدم هدفا وحيدا وهو ملاءمة ومسايرة تقدم المجتمع الأوربي ومتغيراته اللامتناهية.
ولعل من متناقضات المجتمع الأوربي ، هي مطالبته الملحة للتخلي عن القوانين التي تنظم علاقاته الإنسانية، في عصر أصبحت فيه القوانين تفرض نفسها بشدة على حياة الأفراد، وهو ما حذر منه الفقيه كاربونيه في كتابه "القانون وشغف القانون"، حيث طرح تساؤلا جوهريا عن مكانة القانون، هل يسبق العادات المجتمعية أم يتبعها؟ ويجيب عنه قائلا :
"إن ابتعاد القوانين عن العادات المجتمعية، يفقدها الفعالية المطلوبة، كما أن الاقتراب منها كثيرا يجعلها أداة في خدمة الأفراد، والصحيح أن يكون بين الاثنين".
إن الإشكال المطروح هو إلى أي حد يمكن لمبادئ المساواة والحرية إرشاد المشرع الأوربي في تشريع قوانين الأسرة؟
الإجابات ليست بسيطة، لأنها تكشف عن التعدد الثقافي للمجتمع الأوربي و نظرته المختلفة للمؤسسة الأسرية.
و لعل التطور البارز لقانون الأسرة خلال السنوات الأخيرة، لا يشمل فقط مضمونه، وإنما أيضا الجهة أو المؤسسة التي ستقرر مستقبله.
.لا يوجد أي كتاب