الوسيط في علاقات الشغل الفردية
وفاء جوهر
يُعدّ قانون الشغل من أهم الفروع القانونية الحديثة، نظراً لدوره المحوري في حماية حقوق الأجراء وتحقيق التوازن في علاقات العمل. فبعدما كانت هذه العلاقات تخضع لقواعد القانون المدني التي تفترض مساواة بين الطرفين، أثبت الواقع أن الأجير في مركز ضعف أمام المشغل، مما استدعى تدخل الدولة بقواعد آمرة لضمان الحماية.
نشأ هذا القانون مع الثورة الصناعية، وكان يُسمى “التشريع الصناعي”، قبل أن يتوسع ليشمل قطاعات الفلاحة، التجارة والخدمات. تتجلى أهميته في ثلاث مستويات:
1. اقتصادية: يساهم في تنظيم سوق الشغل وضبط الإنتاج عبر تحديد الحد الأدنى للأجور، ساعات العمل، وظروف التشغيل.
2. اجتماعية: يعترف بالعمل كحق أساسي يضمن الكرامة الإنسانية والاستقرار الأسري، مستنداً إلى الدستور والاتفاقيات الدولية.
3. سياسية: يعزز السلم الاجتماعي عبر حماية الطبقة العاملة باعتبارها قوة إنتاجية وضغط سياسي منظم عبر النقابات.
كما يتميز قانون الشغل بخصائصه الخاصة: حداثته، حركية قواعده، طابعه الدولي، طبيعته الآمرة، واستقلاله عن القانون المدني، بما يحقق حماية فعالة للأجراء ويضمن استقرار العلاقات المهنية