المسؤولية الجنائية للمهندس المعماري في ضوء التشريع والعمل
محمد المناوي
ينطوي العمل المعماري على العديد من الإشكالات لاشتراك أكثر من عنصر مادي وبشري في إنشائه، فإلى جانب المواد الأولية الطبيعية والمصنعة، يوجد العنصر التصميمي الذي يتولاه المهندس ويقوم بتنفيذه مقاول أو أكثر تحت إشراف المهندس المعماري، ويشترك معه عمال وفنيون ومقاولون فرعيون وغيرهم. ولا شك أن تداخل هذه العناصر يجعل من العسير في كثير من الأحيان تحديد مناط المسؤولية والمسؤول عن العيب الذي نجم عنه الضرر سواء خلال فترة تنفيذ عملية البناء أو بعد التسليم، ففي كل مرحلة من هذه المراحل تثير الأضرار الناجمة عن تعيب البناء أو تهدمه نوعا معينا من المسؤولية.
كما أن تعدد وتنوع الجرائم التي قد يرتكبها المهندس المعماري خلال عملية الإشراف والمراقبة والتتبع المهني والفعلي لأشغال البناء والتعمير وذلك بحكم ارتباطه مع رب العمل بعقد الهندسة المعمارية، يجعله خاضعا للأحكام والقواعد العامة للمسؤولية، التي قد تكون مسؤولية مدنية، كما قد تكون مسؤولية تأديبية أو إدارية في حالة إخلاله بإحدى قواعد الأنظمة الخاصة بالمهندسين، حيث يمكن أن يتعرض لعقوبات تأديبية توقعها عليه الجهات الإدارية المختصة، ومن جهة أخرى قد تكون مسؤولية جنائية؛ عندما يشكل فعل المرتكب جريمة عمدية أو يكون من قبيل الخطأ أو الإهمال الذي ارتكبه جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي، كما في حالة التصدع أو الانهيار الذي يحدث فيما تم تشييده من مبان أو أقامه من منشآت ثابتة أخرى ترتب عليه إصابة أو موت أحد الأشخاص أو كان قد ارتكب إهمالا جسيما أو غشا في المواد المستعملة، أو إغفال وإهمال في عملية البناء.
كما أن عدم احترام ضوابط البناء والتعمير يعد من أخطر المشكلات المثارة حيث أصبح القاضي الجنائي في مواجهة ظاهرة يجب عليه التصدي لها بحسم من خلال تحديد المسؤولية الجنائية في إطار القوانين المتعلقة بضوابط البناء والتعمير، والقواعد والأصول الفنية المتعارف عليها في مهنة الهندسة المعمارية.
.لا يوجد أي كتاب