سطوة الجائحة وديناميات السلطوية الجديدة
عثمان الزياني
هذا الكتاب يثوي في طياته تمظهرات سطوة جائحة كورونا، وكيف تعمل حالات الطوارئ في ظل الأزمات والأوبئة والكوارث الطبيعية بشكل كبير كمحفزات مكينة لتجسيد السلطوية، وذلك عبر استخدامها لتوطيد السلطوية، وهو الأمر الذي تكرس مع جائحة كورونا، إذ عمدت معظم دول العالم إلى الإعلان عن حالة الطوارئ. وما زاد الأمر تعقيدا هو قيام الدول على عجل بمحاكاة الإجراءات التي تم تبنيها في أماكن أخرى، لا سيما من خلال فرض حظر التجول، وعمليات الإغلاق وحظر السفر على المستوى الداخلي والخارجي، وتصعيد مراقبة المواطنين. وهذا ما يفسر وجود "جائحة" دستورية جديدة تصاعدت جنبا إلى جنب مع جائحة كورونا، مما أدى إلى تراجع الحكم الديموقراطي، وبروز حالة من السلطوية الجديدة عبر ديناميات وتعبيرات سلطوية واستبدادية قهرية وقسرية مختلفة، والناجمة بالأساس عن الاحتجاج بسلطات الطوارئ الصحية العامة. بمعنى أن هذا الوباء اكتسى طابعا دستوريا أيضا لأن سلطات الطوارئ، عند التعسف في توظيفها، يتولد عنها تحديا خطيرا للهدف الشامل للدستورية الحديثة الذي هو الحد من سلطة الدولة من أجل الحفاظ على الحرية. فقد اجتاحت موجة من الحكم السلطوي العالم مع تداعيات عميقة وعالمية على الديمقراطية وسيادة القانون، وحقوق الإنسان، والكرامة، والاستقلالية. ومارست الكثير من الدول سلطة أبوية رأسية وصارمة على المواطنين. مع بروز الكثير من القلق والتخوف من استمرارية الوضع حتى ما بعد الجائحة، خصوصا وأن العالم يعيش على إيقاع موجات من السلطوية الجديدة حتى قبل جائحة كورونا.
عثمان الزياني
عثمان الزياني