التنظيم القضائي المغربي الجديد
حسنة الرحموني
لقـد شـخص ميثـاق إصـلاح منظومة العدالة وضعيـة قانـون التنظيم القضائي السابق بأنـه يفتقد للانسجام بحكـم التعديلات المتلاحقـة التـي طالت مقتضياتـه، ولا يضمـن القـرب الحقيقي مـن المتقاضين، كما أن الخريطة القضائية متضخمة وغير معقلنة، والقضاء المتخصـص غيـر معمـم ويجـري تطبيـق إجـراءات قضائيـة معقـدة أمـام المحاكـم التـي تـعـرف تضخـما متزايـدا في عـدد القضايا، مع ما يترتب عـن ذلـك مـن بـطء في البـت فيهـا، وتوجـد صعوبات حقيقيـة بشـأن تدبير إجراءات التبليغ والتنفيذ، ويواجـه المتقاضـون صعوبة في الولوج إلى العدالـة مـن جـراء ضعـف نظـام المساعدة القضائية وانعدام نظام المساعدة القانونية، وكـذا عـدم وجـود مـا يشجعهم على اللجـوء إلى الوسائل البديلة لحل المنازعات، هذا مع ضعف في القدرة التواصلية ، المتقاضين.
ولتجـاوز هـذه الإكراهـات، تم إصـدار القانون الجديد رقم 15-38 المتعلق بالتنظيم القضائي في 30 يونيو 2022. ومـن أهـم مستجداته التأكيـد عـلى بعـض مبـادئ التنظيم القضائي وحقوق المتقاضين وتنظيـم قـواعـد تنظيـم عمـل الهيئات القضائية، وإعطاء الإمكانية للمحكمـة لـدعـوة الأطراف لحـل النـزاع عـن طريـق الصلـح أو الوساطة الاتفاقيـة، و تنظيـم الـرأي المخالـف في المداولـة، وإحـداث مكتـب المساعدة الاجتماعيـة داخـل المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف، وإمكانيـة إحـداث غرف ملحقة بمحاكم الدرجة الثانيـة داخـل دائرة نفوذهـا بمـرسـوم، وإمكانية عقد المحاكـم بـكل أنواعهـا ودرجاتهـا لجلسـات تنقليـة ضمـن دوائـر اختصاصها المحلي، وإلغـاء غـرف الاستئنافات بالمحاكـم الابتدائية، وإحـداث غرفة جديدة بمحكمـة النقـض وهـي الغرفة العقارية، ووضع تنظيـم مـوحـد لتشكيل الهيئات القضائيـة بـكـل أنـواع المحاكم ودرجاتها، حيث تشتمل كل محكمـة عـلى عـدد مـن الغرف وتضم كل غرفة هيئة أو عـدة هيئات، واعتماد المقاربة التشاركية مـن خـلال إحـداث لجنـة بحـث الصعوبات المتعلقة بسير العمـل بالمحكمـة ولجنة التنسيق ومكتـب المحكمـة وتوسيع دور الجمعية العامة للمحكمة، والتنصيـص عـلى إحـداث الأقسام التجارية والإدارية المتخصصة ببعـض المحاكم الابتدائية والاستئنافية.
في هـذا الكتاب، سيجد القـارئ دراسـة مفصلـة لهـذه المستجدات ولكل مواطـن القـوة والضعـف التي يتميز بها القانون الجديد بالمقارنة مع القانون السابق، وتحليلا لمختلف مواطـن القصـور الـتـي كـانـت تعـتري القانـون السابق ومـدى معالجتهـا مـن طـرف القانون الجديد. كـما سيجد القارئ قراءة نقدية لمبادئ التنظيم القضائي، وتقييما لحصيلة تجربتـي قـضـاء القـرب وقضـاء الأسرة، ورصـدا لمـدى تحقـق معيـار القـرب والبساطة والكفاءة في المحاكم الابتدائية والابتدائيـة التجارية والابتدائية الإدارية، علاوة على تقييم أثـر القانون الجديد على حقوق المتقاضين ومـدى رفعه لنجاعة أداء المحاكم وتعزيزه لحكامة الإدارة القضائية.
.لا يوجد أي كتاب