الآليات الدولية لمكافحة الجريمة المنظمة في التشريع المغربي
عبد العزيز حميدوش
... إن المتغيرات الدوليـة حمـلـت إلـى العـالـم فـي طياتهـا ظـاهـرة إجراميـة مجهولة الهوية، اجتاحت كافة الدول فوجدت هذه الأخيرة نفسها عاجزة عن مواجهتها بمفردها، ففـي ظـل التطوير والتحديث اللذان تعرفهمـا أنشطة الجريمة المنظمـة كـان مـن الـلازم على التشريعات بعـد أن تبيـن لـهـا عقـم أساليب التحـري الكلاسيكية أن تضـع بيـن أيـدي أجهـزة المكافحة آليات ووسائل تحري متطورة موازية لتطور الإجرام المنظم.
وقـد تـعـزز هذا الشعور مـع اسـتفادة المنظمات الإجراميـة مـن الفتوحات العلمية والتكنولوجية والاقتصادية وعولمـة الأسواق، بحيـث سـاهم ذلـك فـي توسيع دائرة عملياتها بإنشائها شبكات وفروع لهـا، ودخولهـا فـي تحالفات مع منظمات إجراميـة أخـرى، كل ذلـك فـرض نفسه بقـوة على الأنظمة القانونية والأمنيـة التـي لـم تألـف التعامل مـع هـذا النـوع مـن الإجرام، وحتـم علـى الـدول إعادة النظـر فـي سياساتها الجنائية بمـا يتناسـب والمـد المتصاعد للجريمـة المنظمة.
ووعيـا مـن الـدول بـأن عولمة الجريمة، يحتاج إلى عولمة الأنظمة القانونية وعولمـة آليات المراقبة، فقـد سـارعت إلى تعزيز تشريعاتها بإجراءات وآليـات عبـر وطنيـة تنشـد مـن خلالها توحيد الجهود وتنسيق التعاون والانسجام فـي القواعد القانونية كخطوة أولى على طريق المكافحة.
ومما يعكس الوجه الجديد للتشريعات الجنائية ومنها التشريع المغربي حيـال الجرائم ذات الطبيعة الخاصة، استحداث أليتي التسليم المراقب والاختراق للكشف عن الجرائم في مرحلة مبكرة، فلم تعد السلطات تنتظر ارتكاب الجريمة لتتحرك بوسائلها التقليدية لا سيما حيـن يكـون الضـرر الإجرامـي مـن الجسامة والأثـر الـذي لا يمكن إصلاحه، إذ أضحـى هـذا التدخل المشروط والمقنن يقطع حبل الإجرام في جهـة مـن جهاته، فالتسليم المراقـب والاختراق يسمح لضابط الشرطة القضائية بالتواجـد المـادي فـي مرحلة ولادة الجريمة
.لا يوجد أي كتاب