الغير عن العقد في القانون المغربي والمقارن
عادل الغنوبي
تقتضي القوة الملزمة للعقد تحديد الأشخاص الملزميـن بـه ، فالأصل في العقـد أنه لا يلزم سـوى طرفيـه اللذان أنشأه دون الفيـر الأجنبـي عنـه، فأثـر العقـد ينصرف إلى المتعاقدين دون غيرهم ، فهو لا يضرهم ولا ينفعهم ، وهـو مـا أكـد عليـه المشرع المغربي في الفصل 228 من قانون الالتزامات والعقود وهـو مـا يعـرف بمبدا الأثر النسبي عـن العقـد.
ولهذا فإن تحديد نطاق القوة الملزمة للعقد من حيث الأشخاص لا ينحصر في ملاحظة الأثر النسبي للعقد ، فالقول بأن العقد لا يلزم الغير، فهذا لا يمنع من القول بأن العقد يحتج به في مواجهة الغير الذي لا يمكن له أن يتجاهل وجـود العقد كواقع اجتماعي.
بيد أن تمييز أطراف العقد عن غيرهم لا يخلو من مشاكل وصعوبات بالنظر لعدة أسباب أهمها، ضرورة تحديد مفهوم "الأطراف" في العقد ، وعـدم استطاعت " الأغيار" تجاهل وجـود العلاقة العقدية، وأخيرا وجـود طائفة تحـتـل مـركزا وسطا تتكون من أشخاص لا يصنفون ضمن أطراف العقد الحقيقيين ولا ضمن الأغيار عن العقد.
لهذا يختلف تطبيق العديد من القواعد القانونية تبعا لوصف الشخص في ما إذا كان من الغير أو لـم يكـن، وهـو مـا يضفي على مصطلح الغير اهمية كبرى، وإن كان هذا الأخير تطاله مجموعة من الالتباسات.
هكذا، فإن عدم تحديد مصطلح الغير بصورة دقيقة، جعله عرضة للاستعمال في مجموعة من الميادين ليكـون له اختلاف في المعنى، بحسـب محـل اسـتعماله، وقد ظهـر استعمال مصطلح الفيـر بـدايـة فـي القانون الروماني، فكلمة الأجنبي Allis أطلقت على الشخص الذي لا ينفعه الموضوع المتفق عليه بين شخصين آخريـن ولا يضره، بعد ذلك استقى " دوما Domat " هذه الكلمة من القانون الروماني، واستخدمها بصيغة أخرى أطلق عليها تسمية الشخص الثالث، أما الفقيه الفرنسي " بوتييه Pothier " فقد أوجد كلمة دقيقة وأقل تعقيدا لخصها في كلمة" الفيرLe tiers " ، فهذه الكلمة استعملها المشرع الفرنسي حيث كرسها كمصطلح في المادة 1199 من القانون المدني الفرنسي الجديد ، إذ اعتبران الشخص الذي يوصف بأنه من فئة الغير لا يمكن أن ينفعه العقد ولا أن يضره.
ولم يعمل المشرع المغربي وكذا المشرع الفرنسي على تعريف مصطلح الفيـر سـواء تعلق الأمر بالقانون المدني قبـل تعديله أم بعد التعديل الجديد ، تاركا بذلك المجال مفتوحا أمام الفقه الفرنسي لتحديد المقصود منه من خلال شرحه للقانون المدني.
.لا يوجد أي كتاب