قواعد الإثبات في قانون حماية المستهلك
محمد الطودار
يستأثر قانون حماية المستهلك باهتمام مختلف التشريعات العربية والأوربية الحديثة، وكان الفقه سباقا لإثارة إشكالية العقود الاستهلاكية وما تتميز به من خصائص مقارنة بغيرها من العقود، وخصص لها قواعد تلائمها وتأخذ في الاعتبار مراكز الطرفين من الجانب الاقتصادي والاجتماعي والمعرفي، فغير جذريا بعض القواعد الكلاسيكية التي ساد الاعتقاد إلى وقت قريب أنها تحقق العدالة طالما تأسست على مبدأ سلطان الإرادة والمساواة بين الطرفين المتعاقدين.
لقد اتضح مع مرور الوقت أن المساواة بين الطرفين، التي تأسست عليها القواعد الكلاسيكية المنظمة للعلاقات التعاقدية، مجرد مساواة وهمية ولا تعكس الحقيقة الواقعية، ذلك أن الواقع يتسم بانعدام المساواة في العقود الاستهلاكية واختلال التوازن بين المورد والمستهلك، وبذلك ظهرت مصطلحات ومفاهيم جديدة فرضت نفسها في المجال القانوني من قبيل المورد والمستهلك والمنتج والموزع، والالتزام بضمان السلامة والمطابقة والالتزام بالإعلام والتعاون، ضعف أو جهل المستهلك، والشروط التعسفية وغيرها.
أدت هذه المقتضيات إلى خلق حقوق جديدة لفائدة المستهلك من قبيل حق المستهلك في الإعلام وحقه في حماية حقوقه الاقتصادية، وحقه في التراجع عن العقد، وحقه في الاختيار، وحقه في الإنصات إليه.
إلى جانب هذه المقتضيات، وغيرها مما لا يتسع المجال لطرحه، فإن الإثبات يخترق كل هذه الحقوق والالتزامات، ويحقق قيمتها بالنسبة للمستهلك إذ لا حق يستقيم بدون إثبات، ولا قيمة للحق في غياب الدليل على الحادث الذي يستند إليه، وقد ركز الباحث على خصوصيات الإثبات في قانون حماية المستهلك.