المسؤولية الإدارية بدون خطأ بين الأسس القانونية التقليدية
هشام آيت حمو
شهد الاجتهاد القضائي المغربي توسعا هاما على مستوى تطبيقات المسؤولية الإدارية بدون خطأ، انسجاما مع التطور الكيفي للمسؤولية الإدارية القائمة على أساس الخطأ، بل وفتح آفاقا جديدة اتسمت بجرأة استثنائية في إقرار مسؤولية السلطات العامة إزاء مجموعة من النوازل والتي سعى من خلالها إلى تطوير المبادئ المنبثقة عن اجتهاداته، ولعل مبدأ التضامن الوطني كأساس حديث قد بلغ أفقا بعيد المدى أظهر التقدم الحاصلين على المستوى التشريعي كما الحال بالنسبة للاجتهاد القضائي الإداري، والذي له مرجعية دستورية، حيث نص الدستور المغربي لأول مرة على هذا المبدأ ضمن الدستور المغربي المعدل لسنة 1996 في فصله 18، والذي جاء فيه: "على الجميع أن يتحملوا متضامنين التكاليف الناتجة عن الكوارث التي تصيب البلاد" ، وأكد على ذلك المشرع الدستوري بمناسبة الوثيقة الدستورية المتقدمة لسنة 2011، حيث جاء في الفصل 40 منه، ما يلي: "على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد" .
وعليه، فقد بات من ضمن الواجبات الملقاة على الدولة، تحمل المسؤولية إزاء الأفراد والعمل صون حقوقهم ومن بينها حقهم في التعويض، تماشيا مع القواعد والمبادئ العالمية المكرسة لقيم الحرية والعدل والكرامة الإنسانية والمقرة لحماية حقوقهم المتساوية التي لا تقبل التنازل، وهو ما يلزم تجاوز نظرنا إليه فقط من زاوية كونه عبئا على خزينة الدولة أو التزاما من طرف الدولة في تعويض فئة من الأفراد قد تضررت من نشاط مرافقها، بل يمكن قراءة أبعاده من زاوية أعمق يمكن القول معه أن الأدوار التي تقوم بها الدولة في هذه الحالات التي تحمي فيها حقوق الأفراد وتجبر ضررهم وترعى كرامتهم وقيمتهم الإنسانية إنما الحال في واقع الأمر هو ترجمة لفلسفة دولة الحق والقانون والدولة الاجتماعية الساعية إلى تحقيق التقدم الاجتماعي عبر التكفل بوضعية أفرادها وتأصيل مفاهيم الديمقراطية وإقامة العدل والمساواة بين أفراد المجتمع.
.لا يوجد أي كتاب