التضامن التجاري في منازعات الأعمال
حميد السريدي
لقـد كانت للكاتب الشجاعة للخوض في مؤسسة قانونية متحولة عاكسة لمرحلة متميزة فـي تاريخ الفكر القانوني، إذ أن مـا يميز العلاقات التعاقدية المالية - الاقتراض جـزء منهـا على الأقـل منـذ أواسط القرن العشرين، بأنهـا متسمة "باستدامة الأزمات" مما يجعل الإقتراض متناميا بشكل مضطرد الشيء الذي ينعكس سلبا علـى مـا نـحـي القـروض، وهـو مـا أثر بشكل قـوي على مؤسسة التضامن، حيث ارتفع منسوب إقرار التضامن بسلطان القانون على حساب سلطان الإرادة، عاكسا بذلك مرحلة جديدة في تاريخ القانون التجـاري، مـن حيـث تجـاوز كونـه قانونا خاصا إلى اعتباره وبامتياز قانون المصلحة الاقتصادية العامة.
إن ارتفاع منسوب إقرار التضامن بقـوة الـقـانـون فـي معاملات المال والأعمال يعكـس هـواجـس لـدى الدولة الحديثة التي تعتبر أن المشاريع الاقتصادية -المقاولة – عنوانـا لاستمرارها وضمان استدامتها، وهـو مـا يـبـرر تنـامـي إقـرار التضامن النظامي، ولنـا فـي نظـام الشركات التجارية والأوراق التجارية ونظام صعوبات المقاولة خير دليـل علـى مـا أصبـح عليـه التضامـن فـي منـازعـات الأعمال، بما يحفز الدائنين على اختلاف مراكزهـم وحجمهـم وطبيعتهـم علـى منح ثقتهم إلى المدين التاجر.
ولعـل مـن مـمـيـزات هذا المرجع، أنه صيغ بـرؤى علميـة واضحة معتمدة على الشكل المنهجـي الأكاديمي، منطلقا صاحبهـا مـن التأصيـل النظـري إلى التنزيل العملـي مـن خـلال رصـد مجمـوع التحولات القانونية القضائية المؤطـرة والمواكبة للانتقالات الكبيرة والواضحـة التـي ميـزت وتميـز القانون التجاري باعتباره قانـون الحركة الدائمة، وهـذا ليس بالغريب على الباحث الذي استثمر تجربته المهنية كإطار بالوكالة القضائية التي تضطلع بمهمة الدفاع عن الدولة وإداراتها العمومية أمام القضاء وهيئات التحكيم، فـزاوج بين صفته كباحث في العلوم القانونية والممارسة العملية.
.لا يوجد أي كتاب