تحيين الرسوم العقارية في التشريع المغربي
محمد الوزاني
... إن تفاقم الرسوم العقارية غير المحينة، من شأنه إفراغ نظام التحفيظ من جوهره وتحويله من أداة لتثبيت وإثبات الملكية العقارية إلى أداة لتجميد العقار وتعقيد وضعيته وإقصائه من دائرة التداول والضمان والائتمان، بحيث يصير الرسم العقاري المجمد في منزلة بين المنزلتين، فلا هو بالمحفظ القابل للتداول وتقييد الحقوق الحالة قبل تقييد الحقوق السابقة، ولا هو مسموح له بالخروج من نظام التحفيظ حتى يستفيد من وسائل الإثبات المعمول بها في العقار غير المحفظ طبقا للقواعد العامة، الأمر الذي يضر باستقرار المعاملات ويضرب مصداقية السجلات العقارية ويضعف الثقة بنظام التحفيظ العقاري ويهدده من أساسه. ...
... إن معالجة إشكالية تحيين الرسوم العقارية ضرورة تنموية وأولوية تشريعية بالنظر إلى أهميتها القانونية والاقتصادية والاجتماعية الكبرى، وهو ما يجعلها ضمن الأوراش الملكية ذات الأولوية الرامية لإصلاح التشريع العقاري، خصوصا وأن عدم تحيين الرسوم العقارية من أسباب ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير التي أكدت الرسالة الملكية المؤرخة في 30 دجنبر 2016 على ضرورة الانكباب عليها والتصدي الفوري والحازم لها.
... إن الأحكام والقرارات القضائية المخالفة لمبادئ التقييد لا تعبر كلها عن جهل بتلك المبادئ من لدن السادة القضاة، بقدر ما تعبر في بعض الأحيان عن اجتهادهم وسعيهم لحل نزاعات لا يمكن جسمها باعتماد وسائل الإثبات المعمول بها في نظام التحفيظ العقاري، وقد استطاعت بعض الاجتهادات القضائية المخالفة إثبات نفسها وإقناع المشرع بتبنيها، كما هو الحال بالنسبة للمادة الثانية من م. ح. ع ...
.. إن دور الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية الأساسي ليس هو تأسيس كبر عدد من الرسوم العقارية وتحصيل أكثر ما يمكن من "الرسوم المادية" بقدر ما هو تعزيز مصداقية السجلات العقارية وعمال النحيين الدائم لرسومها العقارية، وعليه فهي مطالبة بقيادة ورش اصلاح نظام التحفيظ العقاري ومصالحة الشكاية التحيين المرتبطة به، بالنظر إلى كون ذلك يدخل عمر مهامها، وبسبب ما توفر عليه من معطيات وإمكانات وخبرات متراكمة سواء لدى الأطر العامة أو تلك التي أحيلت على التقاعد أو التحقت محالات أخرى، وذلك في شراكة وتعاون مع القصة ومؤسسات البحث العلمي وباقي الهيئات المهنية المعنية....
محمد الوزاني